إبراهيم عيسى
تبدو تصرفات الرئيس مرسى كأنها قد خلت من أى ملامح حنكة أو معالم خبرة أو مؤشرات عن كفاءة سياسية بطريقة بدأت تضر فعلا بالبلد.
الرجل يخسر حلفاءه قبل خصومه، والذين راهنوا عليه وتنازلوا له مضحِّين بما تبقى لهم من تقدير أو مصداقية عند البعض.
الرجل ينكث وعوده بمنتهى السهولة ويمرق منها كالسهم ويتراجع عن تعهداته بلا ذرة من تردُّد ولا إحساس بالذنب أو الندم.
الرجل يكافئ كذابين من جماعته كذبوا عليه ونسبوا إليه ما لم يقُله أو يفعله، وورَّطوه أمام الشعب فإذا به يعيِّنهم فى مناصب رئاسية وتنفيذية مُريقًا الحد الأدنى من الهيبة الرئاسية، كأن القرار يأتى من خلفه متجاوزا الحفاظ على شكله أمام الناس.
الرجل لم يبذل أى جهد من أى نوع فى كسب التسعة والأربعين فى المئة الذين لم يصوتوا له فى الانتخابات.
الرجل لم يحاول أن يجذب الملايين الذين لم يذهبوا للتصويت كى يصدقوه.
الرجل يدعو قوى حزبية وسياسية للقائه فيرفض معظمها دعوته دون أن يشكل هذا له أى دلالة على مدى ما وصلت إليه صورة الرئاسة.
الرجل لا يبنى أى علاقة حقيقية مع رموز البلد سواء سياسيوها أو مثقفوها، ولا يتواصل معهم ولا يقوّى ثقة ولا صلة بهم مكتفيا بأهل الثقة الذين أقسموا معه على السمع والطاعة يوما لمرشد!
وحين يلتقى مرشحى الرئاسة الذى تجاهلهم شهورا فيكون اللقاء جافًّا من التواصل ومجفَّفًا من التفاعل.
الرجل معزول بين مساعدين من جماعته وزملاء وأصحاب من جامعته.
الرجل لم يصبح أو يصلح مركزا جامعا للمصالحة الوطنية ولا عنوانا للإجماع الوطنى، بل يسهم بتصريحات خشنة يحشو بها خطبه فى تنفير مَن ظنَّه قادرا على جمع الشمل.
الرجل غطس بسرعة فى صورة رئيس الحاشية، المأسور بحراسه، المحفوف بقناصته، المبهور بنفوذه، السعيد بسجادة صلاة يفرشونها أمامه خصيصا دونًا عن المصلين.
الرجل يتكلم كثيرا جدا، وأى مقارنة بين غزارة الكلام وجفاف الإنجازات تجعل الناس تعاف مزيدًا من الخطب وتتحول خُطَبُه خطوبا.
الرجل عشوائى فى قراراته ومن ثم يتراجع عنها مضغوطا ومهزوما، ثم هو يتخذ قرارات بليل وبسرية كأنها قرارات جماعة سرية لا قرارات رئاسية!
الرئيس أثبت أنه رئيس جماعته لا رئيس المصريين، وهو الفشل السياسى المدمر الذى تورط فيه محمد مرسى منذ اليوم الأول لحكمه، ويمعن مخلصا فى تورطه كل يوم!
ولا غرابة فى الأمر فإن مرسى صورة تعكس تماما جماعته ومستواها، فقد طلعت جماعة الإخوان تعبانة سياسيا وفارغة إلى حد مثير للشفقة من أى كفاءة سياسية، فهم مجموعة من الأسماء التى لا تتعدى عشرين شخصية تتكلم طول الوقت وتصرِّح وتصدِّع الناس فى التليفزيونات والمؤتمرات والفيس والتويتر بقدر مذهل من التفاهة والسطحية والتناقض والكذب المضطرب، وتورِّط جماعتها ورَجُلها فى قصر الرئاسة فى مصيبة تلو أخرى بلا وجل وبلا توقف وبحجم منتفخ من التطبيش والتطفيش لكل الأطراف والعدوان والعداء لكل التيارات والغرور الذى ينفلت عصبيا فيتحول إلى تهديدات وإرهاب وتكفير وتخوين ينتقل أحيانا إلى مستوى التلقيح النسوانى!
هذه جماعة تخلو من السياسيين، وتسأل نفسك عن تصحر الرجال فى الإخوان فتجد إجابة عند الباحث الراحل النجيب حسام تمام فى دراسته «ماذا جرى لعقل الإخوان الاستراتيجى؟» لنعرف إذن ماذا جرى فأنتج لنا هذا الضعف البائس: «من يراجع برامج التكوين والتثقيف فى الجماعة يلحظ بسهولة غلبة التلقين والوعظ والتقرير على حساب إثارة الوعى والروح النقدية، فالمقررات والمناهج يضعها شيوخ الوعظ ورجالات التنظيم لا المفكرون ورجال الاستراتيجية، لذلك فهى تعجّ بكتابات سطحية بسيطة أو عاطفية انفعالية أو تنظيمية تعبوية تليق بتربية أجيال السمع والطاعة والحشد والتجييش، لذلك غلب العقل الإجرائى التنفيذى على العقل التأملى النقدى فتآكلت طبقة السياسيين فى الجماعة لمصلحة رجالات العلاقات العامة الذين يضْجَرون من فكرة القراءة نفسها وآخر ما وصلهم من الوعى السياسى أن صارت الدبلوماسية عندهم تعنى توزيع الابتسامات بالمجان».
ربما لهذا تبدو ابتساماتهم بلاستيكية مصطنَعة ملتصقة على وجوههم من أثر التدريب على التمثيل!
إبراهيم عيسى يكتب: لا سياسة في قصر الرئاسة! | الدستور الأصليتبدو تصرفات الرئيس مرسى كأنها قد خلت من أى ملامح حنكة أو معالم خبرة أو مؤشرات عن كفاءة سياسية بطريقة بدأت تضر فعلا بالبلد.
الرجل يخسر حلفاءه قبل خصومه، والذين راهنوا عليه وتنازلوا له مضحِّين بما تبقى لهم من تقدير أو مصداقية عند البعض.
الرجل ينكث وعوده بمنتهى السهولة ويمرق منها كالسهم ويتراجع عن تعهداته بلا ذرة من تردُّد ولا إحساس بالذنب أو الندم.
الرجل يكافئ كذابين من جماعته كذبوا عليه ونسبوا إليه ما لم يقُله أو يفعله، وورَّطوه أمام الشعب فإذا به يعيِّنهم فى مناصب رئاسية وتنفيذية مُريقًا الحد الأدنى من الهيبة الرئاسية، كأن القرار يأتى من خلفه متجاوزا الحفاظ على شكله أمام الناس.
الرجل لم يبذل أى جهد من أى نوع فى كسب التسعة والأربعين فى المئة الذين لم يصوتوا له فى الانتخابات.
الرجل لم يحاول أن يجذب الملايين الذين لم يذهبوا للتصويت كى يصدقوه.
الرجل يدعو قوى حزبية وسياسية للقائه فيرفض معظمها دعوته دون أن يشكل هذا له أى دلالة على مدى ما وصلت إليه صورة الرئاسة.
الرجل لا يبنى أى علاقة حقيقية مع رموز البلد سواء سياسيوها أو مثقفوها، ولا يتواصل معهم ولا يقوّى ثقة ولا صلة بهم مكتفيا بأهل الثقة الذين أقسموا معه على السمع والطاعة يوما لمرشد!
وحين يلتقى مرشحى الرئاسة الذى تجاهلهم شهورا فيكون اللقاء جافًّا من التواصل ومجفَّفًا من التفاعل.
الرجل معزول بين مساعدين من جماعته وزملاء وأصحاب من جامعته.
الرجل لم يصبح أو يصلح مركزا جامعا للمصالحة الوطنية ولا عنوانا للإجماع الوطنى، بل يسهم بتصريحات خشنة يحشو بها خطبه فى تنفير مَن ظنَّه قادرا على جمع الشمل.
الرجل غطس بسرعة فى صورة رئيس الحاشية، المأسور بحراسه، المحفوف بقناصته، المبهور بنفوذه، السعيد بسجادة صلاة يفرشونها أمامه خصيصا دونًا عن المصلين.
الرجل يتكلم كثيرا جدا، وأى مقارنة بين غزارة الكلام وجفاف الإنجازات تجعل الناس تعاف مزيدًا من الخطب وتتحول خُطَبُه خطوبا.
الرجل عشوائى فى قراراته ومن ثم يتراجع عنها مضغوطا ومهزوما، ثم هو يتخذ قرارات بليل وبسرية كأنها قرارات جماعة سرية لا قرارات رئاسية!
الرئيس أثبت أنه رئيس جماعته لا رئيس المصريين، وهو الفشل السياسى المدمر الذى تورط فيه محمد مرسى منذ اليوم الأول لحكمه، ويمعن مخلصا فى تورطه كل يوم!
ولا غرابة فى الأمر فإن مرسى صورة تعكس تماما جماعته ومستواها، فقد طلعت جماعة الإخوان تعبانة سياسيا وفارغة إلى حد مثير للشفقة من أى كفاءة سياسية، فهم مجموعة من الأسماء التى لا تتعدى عشرين شخصية تتكلم طول الوقت وتصرِّح وتصدِّع الناس فى التليفزيونات والمؤتمرات والفيس والتويتر بقدر مذهل من التفاهة والسطحية والتناقض والكذب المضطرب، وتورِّط جماعتها ورَجُلها فى قصر الرئاسة فى مصيبة تلو أخرى بلا وجل وبلا توقف وبحجم منتفخ من التطبيش والتطفيش لكل الأطراف والعدوان والعداء لكل التيارات والغرور الذى ينفلت عصبيا فيتحول إلى تهديدات وإرهاب وتكفير وتخوين ينتقل أحيانا إلى مستوى التلقيح النسوانى!
هذه جماعة تخلو من السياسيين، وتسأل نفسك عن تصحر الرجال فى الإخوان فتجد إجابة عند الباحث الراحل النجيب حسام تمام فى دراسته «ماذا جرى لعقل الإخوان الاستراتيجى؟» لنعرف إذن ماذا جرى فأنتج لنا هذا الضعف البائس: «من يراجع برامج التكوين والتثقيف فى الجماعة يلحظ بسهولة غلبة التلقين والوعظ والتقرير على حساب إثارة الوعى والروح النقدية، فالمقررات والمناهج يضعها شيوخ الوعظ ورجالات التنظيم لا المفكرون ورجال الاستراتيجية، لذلك فهى تعجّ بكتابات سطحية بسيطة أو عاطفية انفعالية أو تنظيمية تعبوية تليق بتربية أجيال السمع والطاعة والحشد والتجييش، لذلك غلب العقل الإجرائى التنفيذى على العقل التأملى النقدى فتآكلت طبقة السياسيين فى الجماعة لمصلحة رجالات العلاقات العامة الذين يضْجَرون من فكرة القراءة نفسها وآخر ما وصلهم من الوعى السياسى أن صارت الدبلوماسية عندهم تعنى توزيع الابتسامات بالمجان».
ربما لهذا تبدو ابتساماتهم بلاستيكية مصطنَعة ملتصقة على وجوههم من أثر التدريب على التمثيل!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق