نشر فى : الإثنين 6 مايو 2013 - 8:00 ص
آخر تحديث : الإثنين 6 مايو 2013 - 8:00 ص
آخر تحديث : الإثنين 6 مايو 2013 - 8:00 ص
أتذكر وقائع هذه الليلة جيدا.. المكان: مكتبة الشروق فى الزمالك.. الزمان: مساء ٢٤ يناير ٢.١١ والمناسبة لقاء فى المكتبة بمناسبة صدور كتاب جديد للدكتور جلال أمين يجيب عن سؤال «ماذا حدث للمصريين».
حضرت متأخرا لإدارة الحوار بين الكاتب الكبير وجمهوره لنحو ربع الساعة عن الموعد المحدد، فتولى المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة الشروق تقديم «الدكاترة» جلال أمين للحضور، فيما تولى الدكتور نبيل العربى سفير مصر السابق بالأمم المتحدة فى ذلك الوقت تقديم الكتاب، ثم جلس على مائدة الحوار لدقائق قبل أن يستأذن فى الانصراف.
فى تلك الليلة كانت علامات حمل مصر بالثورة والغضب واضحة على ملامح الوجوه ونبرات الصوت، إذ كانت الدعوات للتظاهر وإعلان الغضب فى الخامس والعشرين من ناير تتدحرج من صفحات الفضاء الإلكترونى إلى أرض الواقع، وتنتقل بسرعة البرق كالعدوى بين المصريين، وبشكل خاص الشباب منهم، غير أن أوضح علامات ولادة الثورة فى صباح اليوم التالى كان سؤالا من فتاة جامعية طرحته بلهجة واثقة متحدية، هكذا «نعرف أن الأستاذ فلان (الذى هو الفقير إلى الله كاتب هذه السطور) سيشارك معنا فى الثورة غدا، فهل سيشارك الدكتور جلال أمين؟» وهنا أطلق الدكتور جلال أمين ضحكة شديدة التهذيب وتساءل فى أستاذية وارفة الحدب والإعجاب «هو فيه ثورة بمواعيد» فردت الفتاة بتحدٍ: نعم.. سننزل غدا ضد الفساد والقمع.. فابتسم الدكتور جلال مرة أخرى وأجاب مداعبا «عموما لو اتسحرت الليلة هثور بكره معاكم».
وبعد الندوة جمع لقاء على العشاء ضم مجموعة من الحضور، يتقدمهم الدكتور جلال والمهندس إبراهيم المعلم واستمر النقاش حول سؤال تلك الفتاة الشجاعة، غير أننى كنت تقريبا المتفائل الوحيد بما سيحدث فى الغد (٢٥ يناير) فيما ذهب الدكتور جلال إلى أنه لو خرج ثلاثة آلاف مواطن سيكون هذا شيئا كبيرا بالنظر إلى حالة اليأس والإحباط التى تملكت المصريين من جدوى حدوث تغيير.
وأذكر ليلتها أننى راهنت على نزول أكثر من خمسين ألف مصرى للشوارع والميادين فكان الرد ابتسامة هى مزيج من الشفقة والتمنى من معظم الحضور.. وبالطبع يعلم الجميع ماذا حدث فى ذلك اليوم المشهود.
والذى دفعنى لاستدعاء وقائع تلك الليلة المباركة من الذاكرة هو مقال الدكتور جلال أمين المنشور فى «الشروق» أمس الأول والذى يحمل عديدا من الأسئلة التى انفجرت فى وجه قارئها كألغام مزروعة فى حقل موت.
أسئلة الدكتور جلال بعد نحو عامين ونصف العام على الثورة تفجر ثورة الشك فى كل ما جرى.. كل ما عاشه الثوار ورأوه بأم أعينهم، وسمع عنه الدكتور جلال أو قرأ، ولأن من سمع وقرأ ليس كمن رأى وعاش، فمن الطبيعى أن تثير أسئلة الدكتور جلال الحزن والأسى داخل من لاتزال آثار دماء الشهداء من زملائهم وشركائهم فى الحلم على ثيابهم، ولاتزال أصوات صرختهم الأخيرة قبل أن ينالوا الشهادة تدوى فى آذانهم.
إن الدكتور جلال أمين الذى نجله ونحبه معلما ومثلا أعلى للثراء الثقافى المذهل يختتم مقالته، قائلا: «البعض يسمى إثارة مثل هذه الأسئلة «نظرية المؤامرة» أو الأفضل من ذلك، ما هى إجاباتكم عنها؟»
الاجابة: هى ثورة كاملة الأوصاف بيضاء من غير سوء، لا شية فيها ولا شبهة صناعة أجنبية.. هى إبداع مصرى صرف، يشبه طين هذه الأرض وقمحها يا أستاذنا الجليل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق