الأحد، 21 أبريل 2013

المشهد كان معبراً .. د.محمد حبيب .. متوجساً علي صفحات المصرى اليوم

22:22 السبت 20 إبريل 2013

فى الصورة التذكارية البديعة التى جمعته مع المجلس العسكرى عقب لقائه المفاجئ به، وقف الدكتور محمد مرسى فى وسط الصف الأول مع المجلس العسكرى، كما تقضى قواعد البروتوكول.. على يمينه وقف الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وعلى يساره وقف الفريق صدقى صبحى.. الدكتور مرسى وقف «انتباه من حديد».. أليس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة؟! إذن لابد أن يعطى المثل والقدوة لأبنائه الضباط وضباط الصف والجنود كيف يكون الانضباط.. أثناء إلقاء الفريق السيسى كلمته، كان الدكتور مرسى مشدودا.. متخشبا.. الذراعان ملتصقتان بجانبيه بقوة.. الرأس كان على استقامته مع الجسد.. لكن العينين لم تكونا ثابتتين.. كانتا على خلاف ذلك كله.. تتحركان فى سرعة، يمينا ويسارا.. تنبئان عن قلق وعصبية وتوتر وفوران داخلى.. الطبيعى والعادى أن ينظر الدكتور مرسى إلى المتكلم بجواره.. على الأقل حتى يُشعر الآخرين باهتمامه.. فيبتسم معبرا عن رضاه وموافقته لما يقول.. لكن الرجل- على العكس- كان متجهما.. لم ينعم عليه حتى بنظرة.. مجرد نظرة.. لكنه أبى أن يفعل.. واضح أنه كان يحمل بداخله أشياء أغضبته، أو أهمته، أو أثارت كوامن الأشجان فى نفسه، وأنه يبذل جهدا كبيرا لإخفائها.. لكن كما يقولون: «والصب تفضحه عيونه».. ترى.. ماذا دار فى لقائه بالمجلس العسكرى؟ هل سمع- لا سمح الله- ما لا يحبه ولا يرضاه؟
فى كلمته، ذكر الدكتور مرسى مرات أنه «القائد الأعلى للقوات المسلحة».. دون مبرر ظاهر أو سبب واضح.. التكرار هنا كما هو معلوم للتوكيد.. حتى لا ينسى أحد.. لكن يا ترى لمن كان هذا التوكيد؟ هل للدكتور مرسى نفسه، أم للفريق أول عبدالفتاح السيسى، أم للمجلس العسكرى، أم للقوات المسلحة، أم للشعب المصرى، أم للعالم كله، أم لهؤلاء جميعا؟! أنا أفهم مغزى تلك التوكيلات التى خرجت من هنا وهناك.. وأفهم أيضا أولئك الذين يطالبون بنزول الجيش.. وأفهم كذلك أمثال تلك التصريحات البلهاء التى أرادت أن تتملق الدكتور مرسى فزعمت أن استشهاد الـ١٦ جنديا فى رفح، كان من تدبير قيادات المجلس العسكرى لإحراجه، لكن الدكتور مرسى كان من الذكاء بحيث جعله يطيح بتلك القيادات(!!)
قيل إن التسريبات الخاصة بأجزاء من تقرير لجنة تقصى الحقائق التى نشرت فى الجارديان، كانت بقصد إحراج المجلس العسكرى.. وجاءت كلمة الفريق أول السيسى لترد التهم الواردة فى التقرير(!!).. لقد صمت الرئيس، وقيل إنه تسلم التقرير، لكنه لم يقرأه.. وكتبت كما كتب غيرى أن المجلس العسكرى بقيادة المشير طنطاوى، مسؤول سياسيا عن الانتهاكات التى وقعت والمذابح التى ارتكبت، بدءا من مذبحة ماسبيرو وانتهاء بمجزرة العباسية (٢).
كان مبارك يعتمد بالدرجة الأولى على الداخلية، خاصة عندما أوعز إليه الخبثاء بفكرة التوريث.. لكن هذا لم يمنع مبارك من التواصل مع قيادات القوات المسلحة بشكل جيد.. فى السنوات العشر الأخيرة من حكمه تعاظم شأن وزارة الداخلية على كل مؤسسات الدولة بشكل مخيف.. كانت الداخلية هى الأداة والذراع القوية التى تحل كل مشكلات مبارك من خلال القمع والبطش والتنكيل، ليس بالمعارضة فقط، ولكن بالشعب كله.. وكانت ممارساتها هى المسمار الأخير فى نعش الرئيس المخلوع.
أثناء الأيام الثمانية عشر للثورة وما بعدها كانت العلاقات بين الإخوان والمجلس العسكرى حميمية.. على خير ما يرام.. وعلى النقيض كانت العلاقات مع الداخلية مفقودة.. بعد تعيين الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزيرا للدفاع، استطاع الرجل إعادة الهيبة للقوات المسلحة فى مدى زمنى قصير للغاية.. كما تمكن من كسب ثقة الشارع المصرى عبر الكثير من المواقف.. وبدا واضحا فى ظل الأداء الضعيف للسلطة والمعارضة أن المؤسسة العسكرية تمثل للبعض الملجأ والملاذ.. لم تتوان قيادات هذه المؤسسة فى التأكيد بشكل مستمر ودائم على انحيازها للشعب.. فى المقابل عادت الداخلية تمارس الأسلوب القديم نفسه الذى كانت تمارسه أيام مبارك.. قتل، وسحل، وعنف، واغتصاب، وتعذيب بشع حتى الموت.. والرئيس فيما يبدو راض عن أداء الداخلية، هكذا دون إعادة هيكلة، غير مدرك أنه يقتفى أثر سلفه.. الغريب أن تجد من الإخوان من يدافع عن الداخلية، أو يغض الطرف عن ممارساتها، وهم الذين كانوا يعانون منها أشكالا وألوانا، وسبحان الذى يغير ولا يتغير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق